منوعات

سناء حمد تكتب : العبور أو الغرق في محيط مضطرب

كثيراً ما ينتابني احساس بأن النخبة السودانية تتعامل وكأنها تعيش في جزيرة معزولة عن العالم ، بينما السودان طوال تاريخه الحديث هو نتاج لتفاعلات خارجية ، بداية من حصوله على استقلاله ، وحتى اللحظة الراهنة ..

ظلت المهدية مثلاً حاكمة لنحو عقد ونيف من الزمان لان العالم كان مشغولاً عن السودان بل كان البريطانيون يرون ان من الافضل ترك الانصار يسيطرون على تلك المساحة حتى حين ، ولم تتحرك نحو السودان الا بعد ان تحركت فرنسا نحو فاشودة..
، صراع النفوذ الدولي هو الذي حدد مصير السودان آنذاك ، وهو ذات السبب الذي بسببه تم فيها استقلال السودان ضمن سلسلة تسويات دولية كبرى اقتصتها متغيرات النسق الدولي انئذ. .
مرةً اخرى بلادنا في قائمة التسويات ، ويبدو ان النخبة السودانية تكرر ذات اخفاقاتها السابقة ، حيث تغيب بسبب صراعاتها وانشغالاتها عن ان يكون لها دور في صياغة مستقبل بلادها ، حيث تتحرك القوى الدولية والاقليمية حراكاً كثيفاً ، وتعقد التسويات ، لكن في هذه المرة تخيم سحابة من عدم اليقين تغطي الجميع ، وهناك الكثير من الاحتمالات والتوقعات لا احد آمن جميع الدول تعاني من نسبة خطر داخل او خارجي اقتصادي او سياسي او حتى بيئي!!! ، ويختلف الوضع الان عن المرات السابقة ان القوى المتنافسة كلها تعاني من ضعف ملموس وتمر بمرحلة حرجة من تاريخها ، اضافة الى ان جبهات الصراع متعددة ، ربما تؤثر في فاعلين دوليين وتضعف تأثيرهم على السودان ، وربما ينشغل بعض المتدخلين بالوكالة في السودان بأوضاعهم عنه.
ان سياسة الهروب للامام التي تتبعها اسرائيل الان ، ربما تقود لمعركة في الشرق الاوسط مع ايران ! ولطالما كان تقديري ان ايران هي النقطة الاكثر قابلية لبداية حرب مدمرة في المنطقة ، وبلا شك
فان اي صراع في الشرق الاوسط ستتضرر منه دوله وبشدة .
اذا تواصلت حرب اوكرانيا ، سيصل احتياطي الحبوب العالمي للمرحلة الحرجة ، فالسنة المنصرمة استخدمت معظم الدول ذات السعات التخزينية احتياطياتها !! فحافظت نسبياً على عدم حدوث هلع في الاسواق والمجتمعات لكن الصورة ستكون مختلفة في هذا العام لن يكون بوسع اميركا ان تمنح حتى الاروبيين من احتياطيها من الحبوب ، والاحتياطي الاسترالي الذي تآكل ، لن يكفي دول جوار استراليا وبعض الدول الاروبية، والهند اعلنت السعودية ومصر والامارات منذ السنة الماضية انها ستمدهم بحاجاتهم لعام واحد ، ينتهي بنهاية مايو القادم !! ان حالة عدم الاستقرار بسبب الجوع ونقص الغذاء ان تكون حكراً على افريقيا ، وسيزداد الصراع على الموارد ..سواء في الدول التي لديها القابلية لانتاج الغذاء او التي تملك احتياطات نفطية او تملك الغاز !! ستكون هذه الدولة بسبب مواردها في عين العاصفة او في قلب التسويات ، نحتاج ان نرفع راسنا قليلاً عن المرارات والصراعات الداخلية لتخرج البلاد بأمان ..او انكم موضوعين تخرج بأقل خسائر ممكنة من هذه المرحلة القاتمة في تاريخ العالم ، هناك الان مساحة للمناورة ، وفرصة متاحة لقلب الطاولة وبداية تاريخ جديد فيه وعي ، وحسم ، وتنمية متوازنة، ومحاسبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: عذرا.. النسخ ممنوع