زفة ألوان/يس علي يس/حتي كوم التراب أصبح أمنية..!!

° وكثيرون يقللون من قيمة الدنيا، ويطلبون تجاوز الخلافات بعبارة واحدة شهيرة بأن ” الموضوع ما بيستاهل” وأن الدنيا آخرها ” كوم تراب”، وفي الخرطوم صار كوم التراب هذا ترفا، وامنية كل حي ان يجد من يواريه الثرى وان لا يكون مصيره مثل الاف الجثث في الشوارع التي عافتها الكلاب وتجاهلها البشر حتى تحللت في مكانها..!!
° كان على الخرطوم ان تدفع ثمن الحماقات المتعاقبة عليها والحسابات الغلط لساسة الغفلة، أن تدفع أغلى جزاء من عمرها وتشتت بنيها في أصقاع الأرض، ثم لا يرتفع فيها الا اصوات الرصاص والمدفعية والطيران، ولا يحوم فيها الا الغاصبون اللصوص يعيثون في ارضها فسادا وتقتيلا وتنكيلا باللذين آثروا البقاء حتى آخر لحظة متحدين احتمالات الموت المتعاقبة في كل لحظة..!
° المؤسف أن لا أحد يسأل عن من بقوا في الخرطوم، يشاهدون تعديات لصوص المليشيا على بيوت الجيران ثم لا احد يستطيع أن يفعل او يقول شيئا، لأن الكثرة غلبت الشجاعة، والبندقية على صدور الجميع، والشر يعم في هذه المأساة..!!
° لم يقدم احد شيئا للعالقين في الخرطوم، لا مواد تموينية تعين، لا خدمات صحية، لا مساعدات انسانية، لا شيء إلا أنهم تركوهم لتصاريف الاقدار، فكانت رحمة الله اوسع من عطف الحكومات والمنظمات الانسانية ” الهواء”، فكان التعاضد والتآخي واقتسام اللقمة بين الجيران والجود بالموجود، هو جسر الحياة الذي منع الجوع والعطش من اتلاف ما تبقى من انسانية..!!
° الخرطوم المعطاءة لم تجد احدا بالرغم من انها احتوت الجميع ولم تضق بأحد، وقفت مع الكل في محنتهم، واحتوتهم جميعا، وفتحت بيوت، وعالجت، وعلمت، ثم فر الفارون منها ولم يقدم لها احد شيئا، فعانى مواطن الخرطوم الذي قاسم الجميع كل شيء، ولاذ الاخرون بولاياتهم..!!
° لا أحد يستطيع ان يحكي عن الخرطوم بصدق الا أؤلئك القابضين على جمر البقاء، الذين يموتون في اليوم ألف مرة، وهم يخالطون تفلتات الحمقى المغفلين من المليشيا، ويجبرون على صباحهم ومساءهم، يشاهدون الموت في الطرقات بلا أدنى مقومات للحياة، ثم يخرج علينا أحد الرومانسيين بعبارة مائعة ” لا للحرب” لأنه لم ير الات الموت التي ترتدي الكدمول ليدرك انها كائنات ميئوس من صلاحها كليا ولا تستحق الا الموت..!!
° الخرطوم التي تشوهت بالحريق، الذي أعقب فوضى وهمجية مظاهرات الجيل الراكب راس والذي صدح بالطلقة ما بتقتل، ثم حين جاءت الطلقات ” الجد جد” لملموا شعورهم المنكشة وارديتهم” وتولوا مدبرين ثم لم يسمع بهم احد في الخرطوم، الان الخرطوم ترفع اصبعا انتصار متحدية الخراب والدمار، ثم ترسم بسمة يسيل الدم عليها، وتتحدى كل هذه الفوضى وكل هذا الخراب، وقريبا ستتعافى وتعود الخرطوم جنة رضوان..!!
° الحرب ورتنا كتير..!!
° اللهم اغفر لي ولوالدي.. رب ارحمهما كما ربياني صغيرا..!!
° أقم صلاتك تستقم حياتك..!!
° صل قبل أن يصلى عليك..!!
° ولا شيء سوى اللون الأزرق..!!